ضمن سلسلة التحقيقات التي تجريها حول واقع الصناعات الحرفية في لبنان، نشرت صحيفة السفير تحقيقاً حول قطاع الجلود والأحذية، الذي كان يعتاش منه أكثر من 35 ألف لبناني (العمال مع اسرهن)، وكان يساهم بـ8 في المئة من الناتج المحلّي، أما اليوم فلا يتعدّى مجموع عدد العاملين/ات في تلك الصناعة 3000 عامل/ة. وقد أشار التحقيق إلى أن مصانع الأحذية في لبنان كانت لا تقل عن 1200 مصنع إضافةً إلى مئات مصانع الجلود والحقائب في السبعينات، إلا أن الحرب الأهلية واتفاقيات رفع الرسوم الجمركية، أدت إلى إنحسارها إلى نحو 200 مصنع للأحذية فقط، فيما معامل الجلود والحقائب تعدّ على أصابع اليد.
وقد نقل التحقيق مواقف ومعاناة بعض العاملين في تلك الصناعة، إذ أكد أبو أحمد، الذي يملك ورشة صناعية صغيرة في حي ماضي في الضاحية الجنوبية، أن مصانع الأحذية اللبنانية كانت تؤمن فرص العمل للآلاف من الشبيبة، إلا أنها تحوّلت الآن إلى دكاكين صغيرة، بعدما تغيرت وجهة البلد، ليصبح إستهلاكياً بحتاً. بدوره، أشار نقيب عمال مصانع الأحذية والجلود رضا السعد بحسرة، إلى أن الحرب الأهلية أثّرت كثيراً في تلك الصناعة، خصوصاً الفرز الطائفي بحيث معظم المصانع كانت في المناطق الشرقية، فيما اليد العاملة معظمها جنوبية، وكل ذلك وسط مواصلات باتت شبه مستحيلة. واضاف النقيب قائلاً أن اتفاق الطائف، وتدابير رفع الرسوم الجمركية عن البضاعة المستوردة، قضايا على النفس الباقي في تلك الصناعة. وتطرّق السعد أيضاً إلى وضع عمال مصانع الأحذية، مشيرا إلى أن "بدعة" التعاقد الوظيفي حرمتهم/هن من ابسط حقوقهم/هن، لافتاً إلى "أن الدولة في التسعينيات توجهت نحو دعم قطاع الخدمات، فأهملت الصناعات لا سيما الحرفية منها التي تسير نحو الانقراض". (السفير 4 كانون الأول 2014)