على الرغم من التحولات المجتمعية العميقة التي شهدتها المجتمعات العربية بنسب متفاوتة في العقود القليلة الأخيرة، لا يزال الطابع الذكوري بكل ما يحمله من تمييز ضد المرأة، طاغياً في هذه المجتمعات.
ولم تكن ما حملته تلك التحولات من زيادة في مستوى التعليم بين النساء ومن تغيير في معدل انخراط المرأة في سوق العمل ومن ارتفاع معدل التمدن في المجتمعات العربية، كفيلة بإضعاف الثقافة الذكورية المهيمنة في تلك المجتمعات، وبوضع حد لممارسات العنف الجسدي والنفسي والمعنوي ضد المرأة، سواء في المنازل أم في مراكز العمل. فضلاً عن تحويل المرأة إلى سلعة جنسية لدى الرجل في كثير من المجتمعات المدنية العربية المعاصرة. لكن هذا لم يمنع تحقيق المرأة بعض الاختراق على مستوى المشاركة السياسية، وبخاصة في ظل اتساع برامج الترويج لثقافة الجندرة في السنوات الأخيرة في بعض مفاصل العلاقات الدولية، وفي ضوء تعمق آليات التشبيك على مستوى المجتمع المدني العالمي، وهو ما دفع الكثير من مواقع السلطة السياسية المحكومة ذكورياً من البحث عن واجهات نسوية لكي تقدم هذه المواقع صورة حداثوية "ديمقراطية" عن نفسها.