نشرت صحيفة السفير، يوم السبت الفائت، تحقيقاً عن حضور النساء في القطاع الزراعي حيث يساهمن في تنميته وزيادة إنتاجه إلا أن مدى مشاركتهن فيه لا يزال غير واضح بدقة، فيما تكاد حقوقهن تكون منسية عن قصد أو بسبب الصورة النمطية التي تسود في مجتمعاتنا عن دور النساء وبسبب غياب رصده في معظم الإحصاءات والدراسات التي تعدّها بعض المؤسسات أو الوزارات المعنية.
وقد أوضحت رئيسة «المرصد الوطني للمرأة في الزراعة والريف- نوارة» الدكتورة وفاء حمزة، في حديث لـ "السفير"، أن المرأة تتواجد بالأرقام في الإحصاءات الحديثة التي تصدرها وزارة الزراعة، إلا أن تلك الارقام لا تعكس حجمها ودورها الحقيقي حيث يختزل عمل المرأة في القطاعات الزراعية عامة بالرغم من أنها تعمل في قطاعات مختلفة في الزراعة مثل الصناعة الزراعية، والزراعة الريفية، والتعاونيات، الزارعة الموسمية، وفي الحيازة الزراعية، أي المرأة التي تدير مؤسسة زراعية، وغيرها. وأضافت حمزة أن الإحصاءات لا تدقق في طبيعة الزارعة الموسمية وصاحبة العمل مما يؤدي إلى عدم معرفة حجم المشاركة الحقيقية للمرأة في القطاع الزراعي، كم أن الفـرق في الدخل الزراعي بين الرجل والمرأة يبلغ الثلث لمصلحة الرجل، فعلى سبيل المثال، ووفق حمزة، يتقاضى الرجل 12 ألف ليرة في الساعة في حين تتقاضى المرأة 8 آلاف ليرة،. كما أفادت حمزة أن معظم الإحصاءات، تحتسب فقط العاملين المسجلين في المؤسسات الزراعية، من الرجال والنساء على حدّ سواء، وتغفل النساء في الأرياف، وهن في الأغلب لديهن حيازة زراعية، أي أنهن يزرعن ويعملن في أرضهن، وهن بطبيعة الحال يساهمن في الإنتاج الزراعي الوطني. وبناء على ذلك تبلغ مشاركة المرأة وفاعليتها في قطاع الأجبان والألبان 63 في المئة، كما أن ثمة ما يقارب 120 تعاونية ترأسها النساء، بعض إنتاجها يستهلك محلياً، في حين أن بعضها الآخر بدأ يصدّر إلى الخارج.
وفي الإطارنفسه تنشط المرأة أيضاً في الصناعات الغذائية حسب رئيس نقابة الصناعات الغذائية "جورج نصراوي"، الذي كشف لـ"السفير" أن معدّل تشغيل المرأة العاملة في المصانع الغذائية يتراوح ما بين 35 و40 في المئة، في حين أن نسبة امتلاك النساء للمصانع تبلغ أقل من 2 في المئة.
من جهته، رفض مستشار وزير الزراعة د. صلاح الحاج حسن عبر "السفير" ما يُقال عن إغفال المرأة في برامج أو إحصاءات الوزارة، على الرغم من أن النقطة الأساسية المثارة هي طريقة تناول مشاركتها وليس المبدأ. فالنساء يحتلن حيّزاً مهماً في عمل الوزارة، والدليل دخولها نادي الإحصاءات. وعدّد الحاج حسن القطاعات الزراعية التي تنشط فيها النساء، وأهمها رعاية الأبقار والأغنام، والحليب، والأجبان، وغيرها حيث تشكل مشاركتها أكثر من 40 في المئة من حجم العمل. وقد كشف الحاج حسن أن وزارة الزراعة تعمل على معالجة إهمال الدولة للقطاع الزراعي حيث اطلقت برنامجاً لدعم القطاع وتحسين شروط العمل فيه، ولفرض ضوابط عليه، تبنته الحكومة لفترة عامين، ما سؤدي إلى زيادة الاستثمار في هذا القطاع.
وبالحديث عن الإحصاءات، إشارت "السفير" إلى ان الإحصاءات الرسمية للقطاع الزراعي تصدر مرة واحدة كل عشر سنوات. ففي العام 1998، بلغت نسبة العمالة النسائية من أصحاب الحيازات وأفراد أسرهم 30 في المئة، في حين أن نسبة النساء في العمالة الدائمة في الزراعة بلغت 18 في المئة. أما في العام 2010، فقد تدنت نسبة النساء من اصحاب الحيازات الزراعية الى 8,6 في المئة. غير أنه، وفق وفاء حمزة، يكمن الخلل في الإحصاءات الرسمية الأخيرة التي أعدّتها وزارة الزراعة، في عدم تحليلها، أي عدم تحديد في أي من القطاعات الزراعية زادت فيها مشاركة المرأة، وأين تضاءلت نسبة مشاركتها الفعلية. بالتالي لا يظهر حجم دور النساء الحقيقي في المساهمة في هذا القطاع، وانعكاس ذلك على الإنتاج الزراعي.
اللافت للانتباه في إحصاءات وزارة الزراعة الأخيرة، التي كشفت عنها حمزة لـ"السفير" أن مراجعة الاحصاءات حول الفئات العمرية تكشف عن غياب كلي للعنصر الشاب في القطاع من الرجال والنساء على حد السواء، اذ تبلغ نسبة النساء العاملات دون 25 عاماً 1,1 في المئة، في حين تبلغ 5,4 في المئة عند اللواتي يبلغ متوسط أعمارهن بين 25 و34 عاماً، لتصل إلى 15,6 في المئة عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 35 و44 عاماً و24,2 في المئة عند اللواتي يبلغ متوسط أعمارهن بين 45 و54 عاماً، لتسجل 31,3 في المئة عند اللواتي تتجاوز أعمارهن 65 عاماً. (السفير 8 كانون الأول 2012)