تشتهر بعض المناطق اللبنانية بصناعة الصابون "البلدي"، ولربما أشهرها بلدة عيتا الشعب المكلّلة بأشجار الغار البري، الذي تستخرج منه نساء البلدة الزيت ويصنّعن منه الصابون، الذي يعدّ من أجود وأفضل أنواع الصابون. تعود صناعة الغار في عيتا إلى منتصف القرن الماضي، وتروي بعض النسوة أنهن تعلمن تلك الصناعة من اللاجئات الفلسطينيات، من بنات نابلس، اللواتي عمدن إلى تصنيع الصابون في البلدة وكشفن لنساء عيتا "سرّ المهنة". وتعد عملية صناعة صابون الغار من الأعمال الشاقة التي اعتادت النساء القيام بها، وخصوصاً لأن استخراجه يستغرق وقتاً طويلاً اذ إنه يعتمد على الحرارة، وهن يصنّعنه في البيوت بالتزامن مع موسم قطاف الزيتون في شهر تشرين الأول.
وفيما تشتهر بلدة عيتا الجنوبية بصابون الغار، تشتهر الكورة في الشمال بصابون زيت الزيتون. وحول الموضوع نشرت صحيفة السفير تحقيقاً حول أحد منتجي صابون زيت الزيتون، ميشال منصور، ابن الـ79 عاما، الذي تحول من صناعة الصابون التقليدية إلى صناعة حديثة تواكب تطورات العصر، خصوصاً بعدما تفرغ للإنتاج عندما أحيل إلى التقاعد، ما جعله يتطور في التفنن بأشكالها، ويختبر اضافة أنواع مختلفة من الاعشاب والنباتات المعطرة والطبية الى "طبخات" الصابون. وفيما يعمل منصور لتطوير الإنتاج بإدخال مواد طبيعية، والألوان والروائح المعطرة إلى الطبخة التقليدية، إلا انه لا يزال يرفض توسيع صناعته، وشراء معدات وآلات حديثة، لأنه لا يبغي الربح، ويكتفي بما أنجزه في كبر سنه. ويشير منصور لـ"السفير"، أن إنتاجه مطلوب جداً خصوصاً وان "الزيت يبقى في الخوابي من سنة إلى أخرى لمزاحمته من الزيوت الأجنبية وضيق أسواق تصريفه"، معتبراً أن "المكانة الاولى تبقى للصابون البلدي التقليدي الذي تربينا عليه"، ويضيف بأسى أن "جل ما يحزنه ان احدا من اولاده او احفاده لن يرث هذه الصناعة التقليدية"، خاشياً عليها من ان تزول من منطقة الكورة. (السفير 16 تموز 2014)