نشرت صحيفة "السفير مقالة للمهندس موسى فريجي، الخبير في الاقتصاد الزراعي منتقداً فيها عدد من "المسلمات التي تتشبث بها الحكومات" منذ العام 1990 وحتى الوقت الحالي، ومنها أن سياسة الانفتاح المفرط تشجع الاستثمار، وبالتالي دعت كل الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الوقت لوجوب إنضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية التابعة للأمم المتحدة، حتى لا تتأثر مستوى صادراته، متبنية مقولة ان انضمام لبنان لاتفاقية المنطقة الحرة العربية، في ظل جامعة الدول العربية، سيفتح الباب للمصدرين اللبنانيين أمام اسواق نحو 350 مليون نسمة في الوطن العربي. ومن تلك المسلمات ايضاً إعتبار ان هجرة اللبنانيين نعمة لكونها تؤدى إلى زيلدة التحويلات الخارجية الى لبنان كتعويض يردم جزئياً عجز التبادل التجاري اللبناني، يضاف الى المسلمتين السابقتين قناعة راسخة مفادها أن لبنان بلد سياحي وخدماتي وان تكاليف الإنتاج فيه مرتفعة لذلك لا بأس بالتضحية بالقطاعات الإنتاجية.
كما يلفت فريجي إلى الواقع الأليم الحالي في ظل الاستمرار في اعتماد تلك السياسة، مشيراً إلى تراجع القطاع السياحي وعدد من الصناعات اللبنانية كالملابس والأحذية والأدوية والخزفيات. فيما تحولت مؤسسة "إيدال"، التي كان يعوّل عليها لتسهيل إجراءات الاستثمار وتحفيزها، إلى مجرّد مكتب لمراقبة الصادرات الزراعية المدعومة، كما تراجعت الزراعات كافة تقريباً، ولم يبق منها إلا التي تتمتع بشيء من الحماية الجمركية وتلك التي تدعمها الدولة دعماً مادياً مباشراً، كالقمح والشمندر السكرّي. في حين تسارعت وتيرة الهجرة الدائمة، واكبها هجرة نحو 75 في المئة من متخرجي/ات الجامعات والمعاهد إلى الدول العربية وغيرها، بسبب ندرة فرص العمل في لبنان.
ويشير فريجي إلى أن الحلّ يكمن في توفير فرص العمل من خلال الاستثمار في مشاريع إنتاجية، في ظل الحماية الجمركية الفاعلة، وتوفير فرص إستثمار للمهاجرين اللبنانيين لتشجيعهم على العودة، فيما تحمي الدولة المنتجات المحلية من خلال تبني سياسة الدعم المباشر ودعم التصدير، أو عبر قوانين تهدف لحماية المستهلك، الإنتاج الوطني، والملكية الفكرية، لافتاً في ختام مقالته إلى ان كل البيانات الوزاريية الصادرة منذ 1990 حتى الآن فشلت في ان تتضمّن أية إشارة إلى كيفية معالجة الوضع الاقتصادي المأزوم في لبنان سوى كلمات عامة لا معنى فعلي لها، فيما دافعت كل الحكومات المتعاقبة بشدة عن سياسات حمائية طال الكثير من القطاعات الاقتصادية ما عدا الإنتاجية منها، مما رفع من مستوى البطالة والهجرة في لبنان. (السفير 14 كانون الثاني 2014)