أقامت وحدة التواصل والعمل المجتمعي في كلية العلوم الصحيّة في الجامعة الأميركية في بيروت، الأسبوع الفائت، ندوة "مقاربة شمولية للتثقيف الجنسي في لبنان"، بالتعاون مع فريق البحث الذي يعمل على "مشروع الصحة الإنجابية والجنسية للشباب". وقد تم خلال الندوة نقاش تطوّر مفهوم التثقيف على الصحة الجنسيّة أو الإنجابيّة، في السنوات الأخيرة، من رزمة معلومات بيولوجية أو عضويّة إلى رؤية إنسانية وعاطفيّة، تتفاعل فيها أفكار وقيم وسلوكيات. ويعود تغيّر المفهوم في العالم، وفق رئيس "الجمعية اللبنانية للتوليد والأمراض النسائية" الدكتور فيصل القاق، إلى الرؤية الجديدة التي تبلورت لدى مدارس الطبّ والصحة العامة، والحركات النسائية في العالم التي ما زالت تناضل من اجل منع العنف والإكراه ومن أجل تغيير النظرة إلى الجسد والعلاقة الجنسية. ويساعد تطوّر مفهوم التثقيف على الصحة الجنسية، وفق القاق، في الحدّ من الأمراض المنقولة جنسيّا، ومن حالات الحمل غير المرغوب فيها وبالتالي الإجهاض، وفي تعزيز ثقافة المسؤولية، وعدم العنف أو الإكراه، واحترام خصوصية الآخر، وفي بلورة مفاهيم اللذة الجنسيّة والحميمية، والاستقلالية وفي تحديد الخيارات والسلوكيات الجنسيّة السليمة.
لقد خلصت الندوة إلى أن مفهوم الصحة الإنجابية أو الجنسيّة ليس واحداً في جميع الدول، إذ يرتبط المفهوم بعوامل تاريخية وثقافية واجتماعية، حيث عدد المشاركون/ات في الندوة معوّقات عدة، أمام تعزيز الصحة الجنسيّة أو الإنجابيّة في المجتمع اللبناني، ومنها: نظرة السياسيين والوزارات المعنيّة، تدخّل المؤسسات الدينية، معتقدات الأهل وهواجسهم، مؤهلات الأساتذة والمدرّبين، بالإضافة إلى لجوء الشباب، في بعض الحالات، إلى مصادر معلومات مغلوطة أو إلى اشخاص غير موثوقين. وقد تمت الاشارة الى ان لبنان لا يزال يشهد نقصاً في البحوث في شأن الصحة الجنسيّة وسلوكيات الشباب التي من الممكن الاعتماد عليها، هذا إلى جانب تحفظ بعض إدارات المدارس على إثارة بعض المواضيع وحصرها بمسائل التكاثر أو التغيّرات التي تطرأ في مرحلة البلوغ، من دون الإضاءة على سلوكيات جنسية مثل العادة السرية، أو المثليّة وغيرها.
وفي السياق نفسه، تجدر الإشارة إلى أنه صدر في العام 2009، وبتعميم من وزارة التربية، "منهج الصحة الإنجابيّة" ضمن "مشروع إدماج المهارات الحياتية الخاص بالتربية على الصحة الإنجابية في مناهج التعليم العام"، الذي باشر بتنفيذه المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، في العام 2004. وقد أظهرت نتائج هذا المشروع الحاجة الماسة لتعزيز التثقيف على الصحة الإنجابية في لبنان، إذ يعاني الأساتذة والتربويون نقصاً في المعلومات والمصادر وينحصر المنهاج القديم بالمعارف البيولوجية من دون الإشارة إلى البعد العاطفي والحميمي والإنساني للعلاقات الجنسيّة. (السفير 13 نيسان 2013)