تعزز نساء قضاء بنت جبيل مقوّمات البقاء والصمود بالاتّكال على النفس من خلال إنشاء جمعيّاتهنّ التعاونيّة التصنيعيّة وتعزيز دورها الانعاشي والانمائيّ. ويعتمدن على تربة سخيّة بعشرات النباتات الطبيعيّة الغنيّة بموادها الغذائيّة والطبّية وبيئة مناسبة للحفاظ على الزراعات البعليّة الموجودة وإدخال غيرها من الزراعات القابلة للحياة والإثمار بتكلفة متدنية. وتتباهى اعضاء الجمعيات تلك بأن معظم موادها الأوليّة هي من نباتات المنطقة، وبأنها خطت خطوات أساسيّة على طريق تفعيل العمل التعاوني النسائي.
لكنّ أحاديث هؤلاء النساء الحافرات بأناملهنّ الناعمة تراب المنطقة واستخراج أفضل المنتجات الغذائية بشق النفس، لا تخلو من الألم والمرارة بسبب ظروف الانتاج القاسية والغياب الكامل لأيّ دعم أو مساعدة من مؤسسات الدولة والمسؤولين وانعدام أيّ دعم رسميّ عينيّ أو ماليّ وحتى إرشاديّ وشروط التجّار الكبار القاسية لشراء المنتجات. كما وتظهر الحسابات الأوّليّة المستندة إلى إفادات الجمعيّات النسائيّة أنّ معدّل دخل هذه الجمعيات أقلّ من ألف ليرة عن عمل المرأة الواحدة في الساعة، وأنّ أفضل ما حققته بعض الجمعيّات حتى الآن هو عدم الخسارة، بعد احتساب النفقات بما فيها تكلفة النقل والوقود والايجارات، في حين أنّ الخارج من صناديق بعضها الآخر يفوق الداخل، علماً بأن العديدات يغطين مصاريف أساسيّة كمصاريف النقل والهاتف من جيوبهنّ الخاصّة.
لا تنكر مسؤولات الجمعيات التعاونيّة النسائية في قضاء بنت جبيل حصول جمعياتهن على مساعدات محدودة من منظمات غير حكوميّة، مثل تقديم المعدّات أو تنظيم دورات تدريب أو مساعدات تسويقية. ومن تلك المؤسسات "الأمم المتحدة" عبر برنامجها الإنمائي، "مؤسسة جهاد البناء"، "مؤسسات الإمام الصدر"، "جمعية الشبان المسيحيين"، "مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي"، "جمعية التجارة العادلة في لبنان". وتطرح بإلحاح مطالب تعديل النظام الأساسي الحالي للتعاونيّات الذي يستنزف طاقات ومداخيل مسؤولي التعاونيات وأعضائها، وبالتالي الحدّ من قدراتهم على العطاء. وتطالب بتحفيز العمل التعاوني وتعزيز الثقافة التعاونية، ودعم تأمين مراكز ثابتة للتعاونيّات، وضم أعضاء التعاونيات الزراعيّة إلى الضمان الصحي، وتقديم المساعدات المالية والعينيّة والارشاديّة، وحماية منتجات التعاونيات من جشع التجار وتأمين الأسواق المحليّة والخارجيّة. (السفير)