لا يزال السجال دائراً في لبنان حول موضوع الزواج المدني بعد فتوى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني المدوية، حيث أصدرت هيئة التبليغ في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بياناً أعلنت فيه أن «الزواج المدني مرفوض في نظر المؤسسة الدينية الشيعية بخلفيتها الشرعية والوطنية لاعتبارات أخلاقية وفقهية وحقوقية ووطنية»، داعيةً إلى خلق إطار حواري وطني يتولى معالجة مثل هذه الطروحات ومناقشة مدى انسجامها مع الدستور والعقد الاجتماعي اللبناني. كذلك، أعلنت الجمعيات والهيئات البيروتية «تأييدها المطلق لفتوى المفتي في شأن موضوع الزواج المدني ورفضها القاطع لأي بحث في هذا الموضوع لأنه يخالف الدستور ويضرب العقيدة الاسلامية في صميمها»، كما طالب خطباء يوم الجمعة في مناطق مختلفة منها عكار، بعلبك، بيروت، وطرابلس بسحب موضوع الزواج المدني من التداول لأنه سيؤدي الى اثارة الفتنة.
من جهته، أعلن الرئيس سعد الحريري في لقاء تلفزيوني رفضه لكلام مفتي الجمهورية حول الزواج المدني، مشدداً على ان تكفير الناس ممنوع، ومتمنياً ان يكون هناك قانون للزواج المدني في لبنان شرط ان يخضع الموضوع للحوار. بدوره، اعتبر «الحزب الشيوعي اللبناني» أن «التحرك من أجل إقرار الزواج المدني تحرك مشروع وواجب، لكنه ناقص لأن ما يحتاج إليه وطننا هو، أولا، قانون مدني للأحوال الشحصية». وفي هذا الإطار، أظهر استطلاع للرأي أجرته الدولية للمعلومات أن 51 % من اللبنانيين مع الزواج المدني والاختياري، 46 % مع الزواج الديني، 31 % من أفراد الطائفة السنية مع الزواج الاختياري و66 % مع الديني، 42 % من اللبنانيين يعارضون فتوى المفتي، بينما أيّدها 26 %، واعتبر 22 % انهم/ن غير معنيين/ات، مقابل تسجيل 53 % من المؤيدين/ات لفتوى المفتي من الطائفة السنية و27 % ضدها.
وفي زحمة المواقف الجديدة، انطلق عدد من المبادرات المدنية وأخرى افتراضية، اذ تم تأسيس مجموعة عبر «الفايسبوك» تحت عنوان «تزوجنا مدنياً... وع قبالكن»، والتي تهدف الى جمع المتزوجين مدنياً، قابلتها صفحة أخرى بعنوان «لا للزواج المدني» التي تعرض تصريحات وفتاوى شيوخ يعارضون الزواج المدني. وتنتشر على «الفايسبوك»، أيضاً، «عريضة الزواج المدني في لبنان»، التي تهدف الى الحصول على عشرة آلاف توقيع للمطالبة بإقرار وثيقة زواج خلود ونضال ومن ثم تشريع الزواج المدني الاختياري. كذلك، دعا نشطاء مدنيّون إلى اعتصام اليوم الإثنين الساعة الرابعة بعد الظهر في ساحة النجمة، وذلك تحت عنوان «أنا مع الدولة المدنية، أنا مع الإنسان المدني، أنا مع الزواج المدني» . (الديار، النهار، المستقبل، الحياة، الأخبار 4 شباط 2013)