نشرت صحيفة الأخبار تحقيقاً عن نتائج الامتحانات الرسمية الأخيرة التي كشفت تفوقاً ملحوظاً للفتيات على الفتيان، وحول دلالته الفعلية وأسبابه وفق الباحثة في علم الاجتماع، د. عزة شرارة بيضون. ولفت التحقيق إلى أن نتائج هذه السنة كشفت، كما في السنوات العشر الأخيرة، عن تفوّقاً ملحوظاً في اعداد الفتيات مقارنة بالفتيان، فمن بين 462 متفوقاً، بلغت الاعداد 310 للفتيات في مقابل 152 فتاً، اي ما يوازي 67% للفتيات و33% للفتيان. وفي تفاصيل تلك النتائج، اشار التحقيق إلى أن عدد المتفوقين في الشهادة المتوسطة بلغ 169، توزعوا بين 116 فتاة و53 فتاً، أي 68.6% مقابل 31.4%، وفي الشهادة الثانوية قسم الاقتصاد، 69 متفوقاً توزّعوا بين 57 فتاة و12 فتاً، أي 82.6% مقابل 17.4%، وفي قسم الآداب والإنسانيات، 61 تلميذاً توزّعوا بين 54 فتاة و7 فتيان، أي 88.5% للفتيات و11.5% للفتيان، وفي علوم الحياة، 77 تلميذاً، منهم 48 فتاة و29 فتاً، أي 62.3% للفتيات و37.7% للفتيان. اما الاختصاص الوحيد الذي تفوق فيه الفتيان على الفتيات ففي العلوم العامة، إذ بلغ عدد المتفوقين 86 تلميذاً، 51 فتاً و35 فتاة، أي 59.3% للفتيان و40.7% للفتيات، حيث الإقبال من الفتيات على الالتحاق بالقسم غير كبير.
أما عن دلالات هذا التفاوت الكبير في النتائج، وهل يشكل هذا الفارق مجرد ظاهرة لافتة أم يدشير الى مشكلة اجتماعية؟ فتشير عزة شرارة بيضون، في حديثها مع "الأخبار"، إلى أن تفوّق الفتيات العلمي بات ظاهرة عالمية، والمشكلة، لا تكمن في تفوّق الفتيات تحديداً، بل في تقصير الفتيان. وعن أسباب تلك الظاهرة، تلفت شرارة الى موضوع الاعتماد على التلقين في المناهج التعليمية، إذ يراد من الطالب/ة أن يكون متلقّياً ومثابراً ومطيعاً لتعليمات المدرّس ومتجاوباً مع إملاءاته وقادراً على الثبات جسدياً في مكان واحد، وكلّ تلك السمات، برأيها مرغوبة اجتماعياً للإناث في مجتمعنا، على عكس الفتيان الذين تتاح لهم حرية أكثر في الحركة وتنوّعاً في الممارسات الثقافية. وتضيف شرارة قائلة أن الضمور في المواضيع المثيرة لاهتمامات الفتيان، ربما لأن المدرّسات غير مهيّئات لتدريسها!، قد يُفضي بهم إلى الضجر أو إلى المشاغبة تعبيراً عن عدم اهتمامهم، وهو ما ينعكس، على الأرجح، على أدائهم.
ومن ناحية أخرى لفتت شرارة إلى أن اجتهاد الفتيات في التحصيل المدرسي، قد يرتبط ايضاً بالتغيّر الذي طاول أدوار النساء الاجتماعية، حيث أن الأهل ما عادوا يرون في الزواج ضمانة أكيدة أو حصرية لرفاه ابنتهم وسترها، فأصبحوا يشجعونها على العلم لأسباب مختلفة، لعلّ أهمها التحضير لمهنة تسمح لها بالإسهام في إنشاء أسرتها أو توفّر لها استقلالية مالية ضرورية في حالات قصوى قد تنجم عن عزوبية أو طلاق أو ترمّل. وتختتم شرارة حديثها بالإشارة إلى أن ما يمكن استنتاجه من ظاهرة تفوق الفتيات، هو أنها تخفي في طياتها مشاكل أخرى، سواء في النظم التعليمية أو في التربية المنزلية. (الأخبار 12 أيلول 2013)