نشرت صحيفة النهار تحقيقاً للصحفية مي عبود أبي عقل، أضاءت فيه على الجانب المنسي - من وجهة نظرها - في التعاطي مع ملفات وقضايا العاملات الأجنبيات في المنازل، ألا وهو حقوق المواطن اللبناني المهدورة. وقد أسهبت الكاتبة في وصف معاناة المواطن، وخصوصاً لناحية تكبّده تكاليف بآلاف الدولارات لسفر "الخادمة" (!) ومعاملات اجازة عملها واقامتها، اضافة الى رواتبها الشهرية وتكاليف المأكل والمشرب والملبس وغيرها، "ذلك عدا عن تعطيله لعمله و"الشرشحة والجرجرة" الى دوائر الامن العام من اجل الاستجواب والتحقيق". وفيما الموضوع الذي تطرق إليه التحقيق يحتمل النقاش والتوسع في البحث، إلا أن الكاتبة أغفلت العديد من أساسيات الصحافة الاستقصائية، وقد تمثل ذلك أولاً بالتعميم الذي أطلقته على الجمعيات والمنظمات الدولية التي تعنى بحقوق العاملات، بأنها "مافيات" تدّعي الإنتهاكات الممارسة بحق العاملات الأجنبيات، للحصول على الأموال من مصادر داخلية وخارجية، لا وبل وصلت إلى حد القول أن بعض تلك الجمعيات يعمل بالشراكة مع شبكات الاتجار بالرقيق، دون تقديم أي إثبات، سوى شهادة "مواكب" لتلك القضايا.
وعليه، يبرز ضعف التحقيق في عدم توثيق أي من الإدعاءات أو القصص الواردة فيه، إذ إكتفت الكاتبة بالإشارة إلى أن معلوماتها التي تضمنت أرقاما وإحصاءات، جاءت من "مصادر رسمية"، أو من "مواكبين" لتلك القضايا، بشكلٍ قد يضلل القارئين/ات الذين واللواتي يثقون/ن بما قد تنشره صحيفة "النهار". ثالثاً، نقلت الكاتبة، بطريقة غاية في الطرافة آليات عمل الجمعيات، إذ كتبت "يتحرش البعض بالخادمة أمام أبواب الكنائس او في الشارع، ويسألنها هل انت سعيدة لدى مخدومك؟ هل تعاملين بالسوء؟ هل تتعرضين للاهانة؟ هل تأكلين جيدا؟ اذا احتجت اي شيء اتصلي بنا،" دون أن تحاول حتى أن تتواصل مع إحدى تلك الجمعيات للأخذ برأيها، أو حتى لإبراز وجهتي النظر. ولعل أكبر مشكلات ذلك التحقيق تكمن في النظرة الدونية للعاملات الأجنبيات، بتسميتهن "خادمات" يعملن في "الخدمة" المنزلية، وبالتالي تعامت عن واقع الاستغلال بغية حفظ حقوق "المواطن اللبناني الذي يتكلف آلاف الدولارات لإستقدام من يخدمه". اخيراً، عكس ذلك المقال غير الموفق، بوضوح، وجهة نظر الكاتبة المنحازة التي لم تتكبد عناء البحث في الوقائع أو تطبيق أساسيات الصحافة الإستقصائية، ومن المؤسف أن تنشر صحيفة تتباهى برصانتها مثل "النهار" ذلك النوع من التحقيقات. (ز.م).
للإطلاع على نص التحقيق كاملاً الرجاء النقر على الرابط التالي: خادمات المنازل: بين الظلم والابتزاز جمعيات ومافيات وخلل قانوني