نشرت صحيفة السفير اليوم تحقيقاً جديداً حول تفشّي البطالة في وسط الشبيبة اللبنانية من المتخرجين والمتخرجات، متطرقاً إلى معاناتهم/هن لإيجاد فرص عمل لائقة في إختصاصاتهم/هن، عارضاً في السياق نفسه لآراء بعض أصحاب العمل، ومفادها انه بينما تزداد الحاجة لمزيد من فرص العمل، تبقى السوق اللبنانية عاجزة عن توفير الفرص الكافية، مما يدفع الشبيبة إمّا إلى القبول بأيّة وظيفة، أو حزم الأمتعة والهجرة إلى بلدٍ آخر، أو الوقوع في شرك البطالة.
ينقل التحقيق في البداية قصصاً لعدد من الشبيبة اللبنانية من ذوي الإختصاصات الجامعية ممن يأسوا/ن من إيجاد فرصة عمل ضمن اختصاصهم/هن، وإنتهى بهم/هن الأمر في العمل في مطاعم أو مقاهي أو متاجر للألبسة، من امثال آلاف الشباب المتعلّمين/ات الذين واللواتي، بحسب التحقيق، إضطروا/ن لمزاولة أيّ عمل لكسب لقمة العيش، وهم/ن يمثلون/ن أغلبية الشبيبة، في حين يختار البعض الاخر الهجرة لأي بلد يقدم لهم/هن إمكانية العيش الكريم وفرص عمل لائقة. في المقلب الآخر، يشير التحقيق إلى أن أصحاب العمل باتوا يجدون أنفسهم أمام فرصة ذهبية لا يترددون في اقتناصها، مع تزايد عدد النازحين/ات، الذين يقبلون/ن بأجور زهيدة مقابل أعمال كثيرة. وفي هذا السياق ، يكشف طوني مطر، وهو صاحب أحد المقاهي في بيروت، أنّ العديد من الشبان والشابات الذين واللواتي يبدأون/ن العمل في المقهى في سنوات الدراسة الجامعية، باعتباره عملاً مؤقتاً، يقضون أحياناً سنوات كثيرة في المقهى بسبب عدم إيجاد فرصة أفضل بعد التخرّج. من جهته، يشير جورج صعب، وهو صاحب متجر للأحذية في بيروت، إلى أن العديد من الشبيبة من ذوي الاختصاصات المتنوّعة يقدمون على مزاولة اي مهنة، لتأمين لقمة العيش، ولو كان العمل بعيداً جدًّا عن طموحاتهم/ن.
من جهته، أشار رئيس الاتحاد العمّالي العام، غسان غصن، لـ"السفير" الى غياب فادح في التنسيق بين الوزارات المعنية والمدارس والجامعات، يكاد يطيح بمستقبل الشبيبة اللبنانية، فواحد/ة فقط من أصل 5 متخرجين/ات، يجد فرصة عمل، مضيفاً بأنّ النسبة الأكبر من الطلاب والطالبات يتوجّهون/ن اليوم إلى اختصاصات الإدارة، والحقوق والآداب، التي تعاني من فائض حقيقي في العرض، فيما سوق العمل اليوم بأمسّ الحاجة إلى مهنيين/ات، وخرجي/ات الاختصاصات التقنية التطبيقية من الميكانيك والكهرباء وغيرها. وقد أوضح غصن، في معرض حديثه، قائلاً أنه بعد الحرب الأهلية تحول لبنان إلى الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على العقارات والأوراق المالية والأسهم وغيرها، الأمر الذي لا يخلق فرص عمل كثيرة، مقابل إهمال القطاعات الإنتاجية التي تفتح المجال لآلاف من الشبيبة لتحقيق طموحاتهم/هن والعمل في اختصاصاتهم/هن، مشدداً على ضرورة أن تتضمّن البيانات الوزارية الحالية والمستقبلية، اعتماد سياسة للتكامل بين التعليم وسوق العمل.
اخيراً، أشار غصن إلى مشكلة غياب سياسة إغاثة حقيقيّة للنازحين، مما يوقع العامل اللبناني في منافسة كبيرة مع اليد العاملة النازحة، علماً أنّ الكثير من الوافدين من سوريا هم من أصحاب الاختصاصات، الذين يفتّشون عن فرصة عمل في اختصاصهم، ويمكن أن يقبلوا بأجور أقلّ بكثير من تلك التي يطلبها العامل اللبناني، مما يفاقم من حدة تفشي البطالة. (السفير 28 شباط 2014)